محكمة الصلح (محكمة الشعب)
كتب حسين قنام/ باحث
تُعد محكمة الصلح احدى أهم المحاكم العاملة في فلسطين وتنبع أهمية هذه المحكمة بوصفها على اتصال مباشر مع المتقاضين والمراجعين اذ يمكن للمواطنين المثول أمامها دون الحاجة لوكيل قانوني (محام) يمثله لذا يمكن أن نطلق عليها محكمة الجهمور وهي بذلك تعد واجهة حقيقية لصورة القضاء الفلسطيني ومقياساً جدياً لاكتشاف ثقة المواطنين بقضائهم ورضاهم عن أدائه.
وتنبع أهيمة هذه المحكمة من حجم أعمالها اذ تعتبر من أكثر المحاكم ازدحاماً وأكثرها فصلاً في النزاعات اذ أولاها المشرع اختصاصات عديدة بموجبها تختص في نظر العديد العديد من الدعاوى بكافة أنواعها
ولعله من المفيد أن نبين اختصاصات هذه المحكمة وبيان صلاحياتها وهنا نبادر الى القول أن محكمة الصلح تعد احدى المحاكم النظامية المشكلة بموجب قانون تشكيل المحاكم النظامية وتنقسم الدعوى التي تفصل فيها هذه المحكمة الى قسمين
أولا: الدعاوى المدنية
تسمى هذه الدعاوى بالمدنية تميزاً لها عن الدعوى الجزائية وهي الدعاوى التي تقام للمطالبة بكافة انواع الحقوق المدنية التي يهدف من خلالها المتقاضين الوصول الى الحكم لهم بمنفعة خاصة وحماية مصلحة قانونية وقد بين قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية اختصاص محكمة الصلح في الدعاوى المدنية وهي كافة الدعاوى التي يكون موضوعها المطالبة المالية التي لا تزيد عن مبلغ عشرة الاف ديناراً اردنياً او ما يعادلها بالعملة المتداولة قانونا وبموجب ذلك تنظر محكمة الصلح في دعاوى المطالبات العمالية والتجارية وقضايا التأمين وغيرها العديد من الدعاوى الناشئه عن كافة المعاملات بين الأشخاص سواء الطبيعين أو الشركات والجمعيات وغيرها
اضافة الى ذلك تختص محكمة الصلح بأنواع محددة على سبيل الحصر من القضايا المدنية مهما بلغت قيمتها نوردها على سبيل الذكر وهي دعاوى تقسيم الأموال المنقولة وغير المنقولة ودعاوى اخلاء المأجور ودعاوى الارتفاق من مرور ومسيل وغيرها من حقوق الارتفاق ومنازعات وضع اليد ومحلها المال غير المنقول ودعاوى متعلقة بالانتفاع بالعقار ودعاوى تعين الحدود وتصحيحها ودعاوى استرداد العارية (أموال يتم اعارتها للغير) ودعاوى الانتفاع بالاجزاء المشتركة وصيانتها في المباني المتعددة الطوابق ودعاوى تصحيح الاسماء وتغيرها مما سبق فقد علمنا اختصاص محكمة الصلح في الدعاوى المدنية وغيرها بمقدور فيها تحديد المحكمة المختصة لنظر دعوانا ولعله من المفيد ان يعلم القاريء ان أية دعوى مدنية أخرى تخرج عن اختصاص محكمة الصلح تندرج في اختصاص محكمة البداية صاحبة الولاية العامة
ثانيا: الدعاوى الجزائية
وهي الدعاوى التي تقيمها حصراً النيابة العامة بوصفها ممثلة للمجتمع وذلك اقتضاءاً لحق الدولة في عقاب الجاني متى توافرت أحكام المسؤولية الجزائية وهذا النوع من الدعاوى يقام متى كان هناك نص تشريعياً يُجرم سلوكاً معيناً ويضع له عقاباً في أي تشريع لاسيما قانون العقوبات المطبق لدينا وتختص محكمة الصلح في نظر الدعاوى الجزائية التي تقام من النيابة العامة عند ارتكاب فاعلها لجريمه من نوع المخالفات او الجنح وقد بين القانون النافذ عقوبة المخالفة وهي أي جريمة لا تزيد عقوبتها عن خمسة دنانير أردني غرامة او عقوبة الحبس لمدة اسبوع كحد اما الجنح فهي الجرائم التي لا تزيد عقوبتها عن الحبس لمدة ثلاثة سنوات كحد أقصى أو الغرامة وهنا لا بد من القول أن مثل هذه الانواع من السلوكيات التي تشكل مفهوم المخالفة او الجنحة موزعة على عديد التشريعات أهمها قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960، قانون الجرائم الالكترونية، قانون المرور،… الخ
كما تجدر الاشارة الى أن هناك نوع من الدعاوى أجاز التشريع استثناءاً اقامتها بموجب محاضر الضبط التي ينظمها أفراد الشرطة وغيرهم تقام فيها الدعوى دون حضور النيابة العامة مثل بعض (الجنح المرورية) أو ما اصطلح على تسمية مخالفات السير ومخالفات الابنية وأنظمة البلديات
بات واضحاً لدينا مما تقدم أهمية محكمة الصلح في النظام القضائي في فلسطين وأنواع الدعاوى التي تفصل فيها هذه المحكمة ومقدار ازدحامها اذ أن الكثيرين يضطرون للمثول أمام هذه المحكمة اما لارتكاب مخالفة مرورية بصورة عفويه أو لتنظيم تصريح مشفوع بالقسم يُقدم لأية مؤسسة أخرى مُراد القول أننا على اتصال كمواطنين بهذه المحكمة بدرجة كبيرة ومن المفيد لنا معرفة كثافة عملها والجهد المبذول من طواقمها قضاة وموظفين
بقي أن نقول أن الأحكام التي تصدر عن هذه المحكمة تقبل الاستئناف أمام محاكم البداية بصفتها محكمة استئناف، لذا فان تصادف عزيزي القارئ ان لديك دعوى أمام محكمة الصلح فمن الضروري معرفة أن مدة استئناف الحكم الجزائي هي خمسة عشر يوماً تبدأ من اليوم التالي لصدور الحكم اذا كان حضوريا او من اليوم التالي لتبليغك الحكم اذا كان بمثابة الحضوري وفي حال كان الحكم غيابيا دون حضور أي جلسة محاكمة يكون من حق المتهم ان يتقدم باعتراض لقاضي الصلح مصدر الحكم خلال عشرة ايام من تبلغه الحكم الغيابي، أما الدعاوى المدنية فهي تقبل الاستئناف خلال ثلاثين يوماً من اليوم التالي لصدورها في حال الحضور أو من اليوم التالي للتبليغ بالحكم إذا صدر في غيابك أو ما يسمى (حضورياً اعتبارياً) وعندها فلا بد من توكيل محام لتنظيم وتقديم استئناف
ختاماً فإن حضور المواطنين دون الحاجة لتوكيل محامٍ لمتابعة قضاياهم يبقى سيفاً ذو حدين اذ من المحتمل أن يخفق المواطن في متابعة دعواه نتيجة عدم معرفته بإجراءات المحاكمة وأصول تقديم البينة والمواعيد ويترتب على ذلك ضياع حقوقه أو بعضها لذا فإنه من المفيد أن يلجأ المواطن عند الحاجة لتوكيل محام يرعى مصلحته القانونية ويتخذ من الوسائل القانونية ما يكفل للمواطنين اقتضاء حقه
هذا المقال ينشر بالتعاون مع مركز أفق للدراسات والأبحاث
هذه المقالة تعبرعن وجهة نظر صاحبها ولا تمثل وجهة نظر مركز أفق للدراسات والأبحاث