كورونا.. إلى أين؟
كتبت الباحثة: بشرى دراويش
في ظل هذا الوضع العالمي، وهذه الظروف التي اجتاحت البلاد منذ أشهر من الآن، والتدهور الملحوظ في كافة مناحي الحياة، كورونا إلى أين؟
كان لإعلان منظمة الصحة العالمية بتاريخ 11/3/2020 بتصنيفها لفيروس كوفيد-19(كورونا) كجائحة عالمية نقطة تحول حتى كانت تلك القشة التي قصمت ظهر البعير للدول المتطورة، فكيف بدول العالم الثالث؟ الأمر الذي كشف قصور السياسات والإمكانيات المتاحة لمواجهة مثل هذا الوباء
كما تزعزعت حصون الحكومات واضطربت، واختلت كافة الموازين الحياتية، إضافة الى الركود الاقتصادي الذي كان له الأثر الجسيم على المجتمعات، وكذلك الأفراد، كان لهم نصيب ليس بيسير من الآثار السلبية بسبب هذا الركود وحالة عدم الاستقرار القائمة، وذلك نتيجة طبيعية للإمكانيات المحدودة إضافة إلى مستوى المعيشة المتدني أساسا في بعض الدول
فلسطين، والتي تعتبر من الدول التي تأثر رعاياها بشكل كبير من هذه الأزمة العالمية، حيث اتبعت سياسة الإغلاق، وإعلان حالة الطوارئ لأكثر من مرة، بالتالي توقفت عجلة الأعمال كافة، فالعامل أصبح عاطلا، والموظف العام انخفض راتبه، والموظف الخاص كذلك في بعض الحالات، فاضطر الأغلبية من الأفراد الى النكول عن التزاماتهم، وهنا بدأت المنازعات والمناكفات بين الأفراد، فكان لابد من أصحاب الاختصاص توضيح بعض الأمور لتنظيم هذه الالتزامات بما يتناسب مع الوضع القائم وذلك بشكل مؤقت وطارئ، خاصة وأن القانون المدني الفلسطيني المتمثل في مجلة الأحكام العدلية لم يتناول حالة الطوارئ أو حتى القوة القاهرة بين طياته، فقط ذكرت ضمن المادة 110 من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003 وتعديلاته، مما استدعى إصدار قرارات للحد من آثار الإخلال بالعقود من قبل أصحاب الاختصاص، إضافة الى دور القضاء المتمثل في الاجتهاد لمحاولة سد هذه الثغرة القانونية القائمة على إغفال القانون للتنظيم والقواعد الاستثنائية الواجب اتباعها في مثل هذا الوضع، وإدراج أي إخلال بالإلتزامات المعروض أمامه إما تحت بند نظرية الظروف الطارئة أو نظرية القوة القاهرة
والجدير بالذكر أن نظرية الظروف الطارئة تكون في حالة وجود صعوبة في تنفيذ الالتزام، على النقيض من نظرية القوة القاهرة المتمثلة باستحالة التنفيذ بشكل قطعي سواء جزئيا او كليا، وهنا يكون للقاضي الحرية في تطبيق أي من النظريتين السابق ذكرهما، حسب المجريات والوقائع المعروضة أمامه، الأمر الذي يستدعي من الجهات المختصة أن تأخذ بعين الاعتبار الحاجة لصياغة وإصدار قانون ينظم كافة المعاملات والالتزامات الاستثنائية ضمن حالة الطوارئ، وذلك في أقرب فرصة تسنح بذلك، والاستفادة من هذه الأزمة بإيجاد سبل واضحة يسري تطبيقها بمجرد إعلان حالة الطوارئ، بدون الاضطرار لإصدار قرارات طارئة ومؤقتة من أصحاب الاختصاص.
إذن كورونا هي السبيل لإيجاد قوانين جديدة وفعالة تطبق في مثل هذه الحالات، وإذا لم يحصل ذلك فنحن لن نتخلص من جحيم كورونا حتى وإن وجد المصل المضاد
هذا المقال ينشر بالتعاون مع مركز أفق للدراسات والأبحاث
هذه المقالة تعبرعن وجهة نظر صاحبها ولا تمثل وجهة نظر مركز أفق للدراسات والأبحاث