ضريبة القيمة المضافة

كتبت نجوى ابراهيم / باحثة

هل سبق وتساءلت معنى الأحرف (V.A.T) عند مراجعتك لفاتورة مطعمك المفضل؟ وهل استوقفتك النسبة المئوية المقابلة لهذه الاحرف وانت تسدد قيمة فاتورتك؟ وقدّرت قيمة المبلغ الذي يعادلها والذي يتوجب عليك أن تقوم بدفعه؟ هل قمت باحتسابه؟

هل تعلم بأنه وبحصولك على الفاتورة يعني أنك تساهم في تعزيز الالتزام الضريبي وتساعد في منع التهرب الضريبي لمصدر الفاتورة، وأنك في هذه الحالة قمت (كمستهلك) بتسديد ما يعرف بضريبة القيمة المضافة المفروضة على السلع والخدمات للدولة من خلال الوسيط المكلف المسجل ضريبياً في دوائر الدولة وهو مالك المطعم او التاجر الذي قام بتحصيلها منك وتوريدها للدولة

ضريبة القيمة المضافة (Value Added Tax)  هي ضريبة غير مباشرة تفرضها الدولة على كل صفقة بيع للسلع أو الخدمات في كافة المراحل – باستثناء الإعفاءات التي يحددها القانون وتختلف من دولة لأخرى- وتقع على كاهل المستهلك النهائي، بينما تؤدي الشركات دور الوسيط بين الدولة والمستهلك في تحصيل هذه الضريبة، اذ تقوم كل شركة مثلاً بخصم كل مبالغ الضريبة التي أدتها عن مشترياتها من مبالغ الضريبة التي أداها زبائنها عن شراء منتجاتها وتدفع الحصيلة للدولة، وبالطبع يخضع للضريبة كافة فئات المجتمع بما فيهم التجار وأصحاب الحرف والمهن الحرة

الضريبة بمفهومها التقليدي تعني (استقطاع نقدي تفرضه السلطة على الأفراد بطريقة نهائية وبلا مقابل وذلك بقصد تغطية الأعباء العامة) وهي جبرية تفرض بموجب القوانين التي تسنّها الدولة، وتقترن بعقوبات لمن لا يلتزم بها، وهي نقدية، وتفرض لغايات تحقيق أهداف محددة تختلف من دولة لأخرى حسب ظروف كل دولة سواء كانت أهداف اجتماعية أو مالية أو اقتصادية، كما أنها ضريبة تضامنية أي ان الاصل في المكلف بأدائها أنه لا ينتظر من الدولة أي مردود شخصي بالمقابل فهو يدفعها بصفته عضواً في الجماعة ويستفيد بمقدار ما يستفيد مجتمعه وبالتالي ليس له نفع خاص وليس له ان يؤخر سدادها ليحصل على منفعة خاصة! فهي تؤدي بدافع الانتماء للوطن، ومن خصائصها كذلك أنها نهائية ومباشرة لا يمكن للمكلف استردادها الا في حالات محددة والدولة فقط مسؤولة عن تحصيلها من خلال مؤسساتها المختصة

وتعتبر الضريبة أداة مالية هامة للدولة لتحقيق أهدافها فهي ليست غايه بحد ذاتها، أو مجرد ممارسة للدولة  لحق السيادة، اذ ان الأهم تحقيقها للأهداف المالية ومساهمتها في رفد الخزينة بالايرادات لإعانة الدولة على القيام بالأعباء والالتزامات تجاه المواطن

حيث أن الضرائب من أهم مصادر الإيرادات العامة لأي دولة متقدمة أو نامية على حد سواء، وهي من اساسيات السياسة المالية التي تتبعها الدولة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والمحافظة على المستوى العام للأسعار وتحسين مستويات التشغيل وإعادة توزيع الدخل بين الشرائح الاجتماعية، ولذلك سعت كافة دول العالم الى فرض ضريبة القيمة المضافة التي شهدت تطورات على مدار السنين ابتداءً من فرضها في أول دولة أوروبية وهي فرنسا وتطورها في مختلف أرجاء أوروبا والولايات المتحدة منذ بداية القرن العشرين، وانتهاءً بفرضها حديثاً في بعض الدول العربية كالسعودية والامارات والبحرين في العام 2018م

في فلسطين بدأ العمل بنظام ضريبة القيمة المضافة المطبق حالياً منذ العام 1976م والذي تم استحداثه من قبل الاحتلال الإسرائيلي في حينه بموجب أمر عسكري استند لقانون الرسوم والمكوس على المنتجات المحلية رقم 16 لسنة 1963 الأردني المطبق ليظهر الأمر العسكري بمثابة تعديل للقانون ويفرض على الشعب الفلسطيني بشكل مقبول أمام القانون الدولي، أهم ما أستحدثه هذا الامر على القانون أن أصبحت الضريبة تدفع عدة مرات في كافة مراحل المنتج او السلعة او الخدمة سواء تصنيع او انتاج حتى وصوله للمستهلك النهائي بعد ان كانت قبل التعديل تدفع لمرة واحده من خلال نسبه من السعر الإجمالي أو مبلغ ثابت او كليهما

وبقي قانون الرسوم القانون السائد بما لحق به من أوامر عسكرية صادرة عن الاحتلال الإسرائيلي إلى أن أبرم بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي اتفاق المبادئ المعروف ب (أوسلو) ومن ثم تبعه اتفاق التعاون الاقتصادي في باريس في سنة 1994م المعروف ببروتوكول باريس الاقتصادي، والذي كان له أكبر الأثر على نظام ضريبة القيمة المضافة في فلسطين حيث نظمت المادة السادسة منه بند الضرائب غير المباشرة بموجبها التزمت فلسطين بالتقيد بمعدل ضريبة القيمة المضافة المعتمد في إسرائيل مع منحها صلاحية تخفيضه بما لا يزيد عن نقطتين مئويتين (2%)، فإذا كانت نسبة الضريبة المعتمدة في إسرائيل 18% مثلاً فيجوز ان تتراوح  في فلسطين من 16%-18%، لهذا فإن معدل ضريبة القيمة المضافة المعتمد حالياً في إسرائيل  17% والمعتمد في فلسطين  16%،كما وضع البروتوكول آلية مقاصة للضرائب التي يحصل عليها الجانب الفلسطيني والمستحقة للجانب الإسرائيلي والعكس بالعكس

واليوم أضحت ضريبة القيمة المضافة دخلاً رئيسياً للخزينة العامة في فلسطين والجزء الأكبر من إيرادات موازنتها  بفئاتها الثلاث: اي ضريبة القيمة المضافة على الناتج المحلي التي يتم جبايتها في مناطق السلطة الفلسطينية، و ضريبة القيمة المضافة التي يتم الحصول عليها من خلال المقاصة التي يقوم الجانب الإسرائيلي بجبايتها من المشتغل الفلسطيني ويجرى تقاص ويحولها للجانب الفلسطيني، وكذلك ضريبة القيمة المضافة الخاصة بالاستيراد والتي تجبيها الدولة من المشتغل الفلسطيني عند قيامه بالاستيراد من الخارج

وفي النهاية تُتهم ضريبة القيمة المضافة بأنها ضريبة عمياء وغير عادلة نظراً لكونها لا تميّز بين الفقراء والأغنياء ولا تأخذ تفاوت مستويات الدخل بين المستهلكين بعين الاعتبار، الا أنه لا غنى للدول عنها كمصدر دائم للإيرادات باختلاف طبيعة وظروف وخصوصية كل دولة مع حاجتها كنظام ضرائبي للتحديث والتطوير الدائمين

هذا المقال ينشر بالتعاون مع مركز أفق للدراسات والأبحاث

هذه المقالة تعبرعن وجهة نظر صاحبها ولا تمثل وجهة نظر مركز أفق للدراسات والأبحاث