اقتراحات بخصوص تعديل الباب السابع من قانون العمل الخاص بتنظيم عمل النساء

كتبت حنين سليمان شويكي/ باحثة


تعتبر المرأة شريك الرجل حيث قررت أغلب التشريعات بمختلف درجاتها مبدأ المساواة التامة في حق العمل بين جميع المواطنين دون تفرقة على اعتباره من الحقوق الأساسية التي تكفلتها الإعلانات العالمية لحقوق الإنسان وأكد عليها النظام الأساسي للدولة في المادة (23/6) منه . حيث ساوى قانون العمل بين الرجل والمرأة وحظر التمييز بينمها فدورها مهم في نهضة المجتمع الذي تعيش فيه في مختلف مجالاته لذلك أفرد قانون العمل رقم (7) لسنة (2000) الباب السابع لتنظيم عملها, ووضع لها أحكام خاصة مراعاة لقدرتها الجسدية وصحتها خاصة أثناء فترة الحمل والولادة والرضاعة وحظر عملها في أعمال ومهن معينة, وأقر الإسلام حقها بالعمل فالآيات القرآنية جعلت العمل جزءاً من العبادة. فالأصل أن تعمل المرأة في جميع الأعمال دون تمييز م(100), لكن القانون أخذ بمبدأ التمييز لصالح المرأة في م(101), وحظر تشغيلها في ساعات الليل  واعتبرها فترة ليلية تتعارض مع الحقوق الزوجية والأسرية, إلا أنه أجاز عملها في الليل بالأعمال التي يحددها مجلس الوزراء ومنها (العمل في الفنادق والمطاعم, والمطارات وشركات الطيران, والمحال التجارية في مواسم الاعياد, والجرد السنوي), وبرأيي أنه هذه الأعمال أيضاً تشكل خطورة على المرأة فخروجها ليلاً قد يعرضها للتحرش أو الاعتداء الجنسي عدا عن صعوبة ايجاد مواصلات, وأصدر الوزير المختص قراراً حدد فيه الأعمال التي لا يجوز تشغيل النساء فيها ومنها (العمل في المناجم والمحاجر, وصناعة المفرقات والكحول والمواد المتفجرة وكافة المشروبات الروحي

البعض يرى أن حظر تشغيلها في هذه الأعمال يحد من فرصها في العمل ويسهم في زيادة نسبة البطالة, إلا أنني أرى أن القانون أصاب عندما ميزها في هذه الجزئية التي تقررت لمصلحتها وحمايتها وراعي فيها قدرتها الجسدية والبدنية وحظر تشغيلها في الأعمال الخطرة, استناداً لنص المادة (10) من إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة لسنة (1967) , وتستحق المرأة العاملة الحامل التي أمضت قبل كل ولادة مدة (180) يوم الحق في إجازة وضع مدفوعة الأجر لمدة (10) أسابيع منها (6) أسابيع على الأقل بعد الولادة وحظر فصلها أثناء ذلك حتى لا تكون الإجازة المقررة لحمايتها سبباً في إنهاء خدمتها م(103), ولصاحب العمل حرمانها من التعويض عن أجرها الشامل عن مدة الإجارة أو استرداد ما تم أداؤه إليها منه إذا ثبت اشتغالها خلال الإجازة لدى صاحب عمل آخر وذلك مع عدم الإخلال بالمساءلة التأديبية, حيث يثبت هذا الحق للأم العاملة المرضعة طوال السنتين التاليتين لتاريخ الوضع التزاماً بالنص القرآني “والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أرد أن يتم الرضاعة” , فقد أغفل المشرع أن مدة الرضاعة سنتين

يجب إضافة فقرة لزيادة فترة الوضع وتخفيض ساعات العمل اليومية فترة الحمل ساعة على الأقل اعتبار من الشهر السادس للحمل ولا يجوز تشغيلها ساعات عمل إضافية طوال مدة الحمل وحتى نهاية ستة أشهر من تاريخ الوضع, حيث أن تلك الساعات تزداد سوءاً بسبب عدم الوضوح في تفريق بين الأعمال التي تجوز فيها والتي لا تجوز, خاصة إذا كنا نتحدث عن الأعمال الخطرة قد يتسبب فيها طول زيادة ساعات العمل زيادة احتمالية إصابات العمل والتغيب المرضي, فيجب على المشرع تحديد الأعمال التي يجوز فيها العمل لساعات إضافية, وحظر تشغيلها خلال الحمل في عدة أعمال منها (أعمال الدهان, صناعة الأسمدة والبطاريات الكهربائية), وإضافة فقرة للحصول على فترة رضاعة أخرى لا تقل عن نص ساعة وتحسب من ساعات العمل على ألا يترتب على ذلك أي تخفيض في الأجر

يقرر القانون حق للزوجة في أخذ إجازة بدون راتب لرعاية طفلها أو لمرافقة زوجها لتمكينها من التوفيق بين واجباتها الأسرية والتزاماتها المهنية والوظيفية فلا يجوز أن تمنح تلك الإجازة دون مرافقته ويضل هذا السبب قائماً طول مدة الإجازة كمبرر لاستمرارها م(105), ويكون للعاملة في المنشأة التي تستخدم (25) عاملاً فأكثر الحق في الحصول على إجازة بدون أجر لمدة لا تتجاوز سنتين لرعاية طفلها ولا تستحق هذه الإجازة لأكثر من ثلاث مرات طول مدة خدمتها استناداً للمادة (72) من قانون الطفل . وقد أخطأ المشرع عندما ترك المجال مفتوحا لمدة الإجازة وعدم تحديدها بمدة معينة وهذا يوثر على صاحب العمل إذا طالت مدة الاجازة وتعرقل عمله خاصة إذا كانت هذه العاملة هي حجر الأساس في العمل, ويجب عليه تنظيم الإجازة لمرافقة الزوج لزوجته, وإضافة نص يقرر للعاملة الحق في إنهاء عقد العمل بسبب زواجها أو إنجابها بشرط إخطار صاحب العمل كتابة برغبتها بذلك خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إبرام عقد الزواج أو الوضع بحسب الأحوال, بشرط ألا يؤثر ذلك على الحقوق المقررة لها وفق القانون. وأوجب القانون على رب العمل أن يوفر وسائل الراحة الخاصة للعاملات وتعليق الأحكام الخاصة بتشغيلها في مكان العمل م(102), حيث يوجد أهمية لإضافة نص قانوني يلزم صاحب العمل بضرورة وجود (حضانة أطفال) تستوعب أطفال العاملات عنده وفق ضوابط يحددها القانون

تجدر الإشارة إلى أنه تم استثناء العاملات في الزراعة البحتة من تطبيق أحكام الفصل الخاص بتشغيل النساء وهذا يعني أن قطاع الزراعة البحتة مثل زراعة الأرض وجني المحصول يحرمن من التمتع بالحقوق والضمانات الواردة في ذلك الفصل , وهذا يشكل انتهاكاً لأبسط حقوق المرأة العاملة التي أقرتها القوانين والمواثيق. ولقد شكل صدور القانون نقلة نوعية أدت إلى تحسين ظروف العمل في الكثير من الجوانب, إلا أن القانون اعتراه القصور فقد خلا من حق المرأة في الحصول على منحة أمومة ومصاريف الولادة, وميز بينها وبين الرجل في الأجر في نفس العمل  واستثنى خدم المنازل ومن في حكمهم وأقارب صاحب العمل من الدرجة الأولى من أحكام قانون العمل، علماً أن الفئة الأكبر من العاملين في هذا الحقل هي من النساء فهذا أبرز تمييز ضد المرأة لأنه لا مبرر لحرمانها من الحماية القانونية وهذا يشكل انتهاكاً واضحاً لها, أيضاً حرمها من علاوة الزوج والأولاد وحصر عملها في وظائف الدنيا دون العليا وعدم حصولها على عقود عمل مكتوبة, أيضا المادتين (102-104) يعتريها الغموض فالأولى يجب توضيح المقصود بوسائل الراحة, والثانية كان على المشرع مراعاة الزمان والمكان التي ترضع العاملة فيه طفلها خاصة إذا كانت الحضانة بعيدة عن مكان العمل

هذا المقال ينشر بالتعاون مع مركز أفق للدراسات والأبحاث

هذه المقالة تعبرعن وجهة نظر صاحبها ولا تمثل وجهة نظر مركز أفق للدراسات والأبحاث