أثر أزمة الكورونا على الواقع السياسي!

بمشاركة الدكتور ناصر القدوة والباحث الامريكي جاك واليس وعدد من الباحثين والنشطاء والمهتمين بالشأن السياسي الذين خرجوا بتوصيات هامة على الصعيد المحلي والاقليمي والدولي

مركز افق الحرية للدراسات ووطن تعقدان ندوة حول اثر ازمة الكورونا على الواقع السياسي

 قدم الباحث الأمريكي جاك واليس شرحا مفصلا حول الوضع السياسي الداخلي في الولايات المتحدة الأمريكية مشيرا إلى أن أزمة تفشي وباء الكورونا في الولايات المتحدة ألقت بظلالها الثقيلة على الوضع السياسي الداخلي هناك حيث احتدمت المنافسة السياسية بين الحزبين السياسيين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي، الا ان واليس أشار إلى أن الرئيس الحالي ترامب لا زال ممسكا بزمام المبادرة على مستوى مواجهة وباء الكورونا في الجوانب الصحية والادارية والسياسية منها. وجاءت مداخلة واليس خلال ندوة حوارية نظمها مركز افق الحرية للدراسات والابحاث وشبكة وطن الإعلامية يوم امس، والتي خرجت بالعديد من التوصيات على الصعيد الفلسطيني الداخلي والإقليمي العربي تحديدا وكذلك عل المستوى الدولي

ويعتبر هذا اللقاء الحواري الأول الذي ينظمه مركز افق الحرية للدراسات والابحاث وشبكة وطن الإعلامية، ضمن سلسلة من اللقاءات التي سيقوم بتنظيمها المركز وشبكة وطن على مدار العام، وسيتم خلالها استضافة صناع القرار والمسؤولين الفلسطينيين

وقال الباحث بأن الرئيس ترامب يظهر بصورة المنقذ والمعالج لهذه الأزمة في حين أن مرشح الحزب الديمقراطي جوزيف بادين قليل الظهور في الإعلام المحلي والوطني الأمريكي وان كان له إطلالات تلفزيونية وصحفية محدودة تقتصر على تقديم انتقادات محددة وفي جوانب محددة لأداء الرئيس ترامب. وأشار الباحث واليس بأن فترة الشهور الست القادمة حتى إجراء الانتخابات قد تشهد تغييرات على الارض تميل بمزاج الناخب الأمريكي لاحد المرشحين الا انه ما زال من المبكر تحديد إمكانية الفوز لأي منهما. كما اشار واليس إلى أن التقليد السياسي في الولايات المتحدة على مدى العقود الثلاثة الماضية يشير إلى ترجيح احتمالات فوز الرئيس  المرشح للانتخابات لولاية ثانية في مواجهة المنافس المعارض مشيرا إلى تجربة الرئيس بل كلنتون وبوش الابن وكذلك براك أوباما حيث فاز كل منهم بولاية ثانية. كما أضاف بأن تعامل الحكومة الأمريكية تحت رئاسة ترامب مع أزمة الكورونا على الرغم من ارتفاع أعداد الإصابات والوفيات فيها لا زال تحت الفحص والاختبار ولم تنتهي الازمة حتى تكون معيارا لمدى نجاح أو فشل الرئيس ترامب في إدارتها. كما اشار الى ان استطلاعات الراي الحالية تميل قليلا لصالح مرشح الحزب الديمقراطي (غير الرسمي) حنى الان وهو جوزيف بايدن الا انه اكد بانه من الصعوبة بمكان التاكد من فوز اي من المرشحين في الوقت الراهن نظرا لطول الفترة الزمنية حتى الانتخابات القادمة في شهر نوفمبر وما قد تحمله هذه الفترة الزمنية من تغيرات ومؤثرات

وأشار واليس بأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا يعتبر مكونا رئيسا او عنصرا فاعلا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية منوها الى ان الأزمة الحقيقة المتعلقة بالاقتصاد الأمريكي والرعاية الصحية في ظل أزمة تفشي وباء الكورونا تلقى الاهتمام الأكبر في خضم الحملات الانتخابية المبكرة وتتراجع امامها قضايا الصراعات الإقليمية والدولية الأخرى التي لا تلقى اهتماما واسعا في سياق الانتخابات الامريكية عموما. وأشار واليس بأن موضوع الخطة الإسرائيلية لضم أجزاء من الضفة الغربية تطبيقا لما يعرف بصفقة القرن في هذه المرحلة تحديدا هو موضوع محكوم أساسا باعتبارات السياسة الإسرائيلية الداخلية والعلاقات الفلسطينية الإسرائيلية أكثر مما هو مرتبط باعتبارات وتفاعلات الانتخابات الأمريكية. وأشار بأن هذا لا يعني اطلاقا التقليل من أهمية الدعم الأمريكي الرسمي لادارة ترامب لحكومة إسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية، الا ان هذا الموضوع تحديدا لا يعتبر حتى اللحظة ذات علاقة او صلة بالسياسة الأمريكية الداخلية تحت وطأة أزمة تفشي مرض الكورونا في الولايات المتحدة في هذه المرحلة. كما اشار الباحث واليس إلى أن الرئيس ترامب يستغل الأزمة الحالية في الولايات المتحدة ويعقد المؤامرات الصحفية شبه اليومية ويستخدمها لتعزيز الثقة بساسياته الداخلية في المجالات الصحية والاقتصادية على حساب القضايا الأخرى التي تراجع فيها مستوى الاهتمام الناخب الأمريكي

وفي معرض الحديث عن آثار الأزمة الحالية في الولايات المتحدة على الدور الريادي والهيمنة الأمريكية على المستوى الدولي، اشار واليس بأن التنافس بين الصين والولايات المتجدة في الشؤون الاقتصادية والتجارية لا زال قائما وربما اشتدت حدته خلال الازمة الحالية الا انه نوه بأن الاتفاقية التي وقعت بين الولايات المتحدة والصين في مجال التبادل التجاري والتعرفة الجمركية لم تتأثر حتى الان بهذا الأزمة ولا زالت مستقرة. واستبعد واليس بان يكون هناك تراجع لدور الولايات المتحدة على الصعيد الدولي مشيرا إلى القرار الأمريكي الأخير بتقديم مساعدات طبية وصحية لعشرات الدول بما فيها الضفة الغربية وغزة من خلال مؤسسات غير حكومية وافاد بأن هذه الخطوة تعكس استمرار الاهتمام الأمريكي بالتعامل مع الازمة على الرغم من الانشغالات الداخلية. كما اشار واليس الى ان سياسات الرئيس ترامب فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وما قام به من قرارات مثل الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لإسرائيل تشكل تحديا كبيرا لأي رئيس أمريكي آخر حيث انه ليس من السهولة بمكان تغيير هذه القرارات أو العودة عنها لأسباب تتعلق بالسياسة الأمريكية الداخلية اولا والعلاقة مع إسرائيل ثانيا. واشار الى انه من الممكن نظريا لرئيس الولايات المتحدة ان يعيد صياغة القرارات السياسية بالاتجاه الذي ينسجم ورؤيته مشيرا إلى الصعوبة السياسية التى قد تواجه بايدن ان تم انتخابه رئيسا في الدورة الانتخابية القادمة بكل ما يتعلق بالملف الإسرائيلي الفلسطيني بما في ذلك ما يسمى “برؤية السلام والازدهار” التي أعلن عنها الرئيس ترامب. وأشار واليس أيضا الى صواب الموقف الفلسطيني الرافض لهذه الخطة كونها تنتقص من حقوق الشعب الفلسطيني وتأتي مخالفة للقرارات الدولية والمرجعيات السياسية والاتفاقيات الموقعة. وقال بأنني انصح “القيادة الفلسطينية بأن تستمر بمعارضة هذه الخطة على كافة المستويات وارى بان هذا الموقف هو الذي يحدد مصير هذه القرارات وهذه الخطة فعليا. وأشار إلى اهمية الرفض الفلسطيني لهذه الخطة وضرورة تعزيز الأداء الفلسطيني فيما يتعلق باعادة توحيد الضفة وغزة ( إنهاء الانقسام) والمضي قدما في بناء المؤسسات الفلسطينية وتعزيز القدرات الفلسطينية في مجالات الحكم الرشيد والإدارة

من جانبه تحدث الدكتور ناصر القدوة عن رؤيته فيما يتعلق باثر أزمة الكورونا على الصعيد الدولي والأمريكي مشيرا إلى أن هناك انطباع ربما يكون خاطئا بأن صورة الرئيس ترامب قد اهتزت في نظر المجتمع الأمريكي جراء ما سجل على انه فشل ذريع في التعاطي مع الأزمة منذ بدايتها. الا انه اشار بان الباحث واليس اكثر دراية بشؤون السياسية الداخلية الأمريكية. واختلف الدكتور ناصر القدوة مع الباحث واليس فيما يتعلق بأثر الأزمة الحالية على دور الولايات المتحدة على الصعيد العالمي حيث أشار إلى مؤشرات تراجع لهذا الدور لصالح العديد من القوى الكبرى لافتا الانتباه إلى أن هناك مؤشرات واضحة لتعزيز وترسيخ نظام دولي متعدد الأقطاب في مرحلة ما بعد ازمة الكورونا حيث إن قصور الإدارة الأمريكية في التعامل مع هذه الأزمة على المستوى الداخلي والدولي أصبح واضحا للعيان. وافاد الدكتور ناصر القدوة بان هناك من العديد من المؤشرات السياسية والاقتصادية التى تؤكد جدية هذه التحولات مثل بروز دور دول أخرى في التعاطي مع الأزمة على المستوى الدولي منوها لما قامت به الصين مؤخرا من تقديم مساعدات حيوية في المجالات الطبية والصحية لدول أعضاء في الاتحاد الأوروبي وهو الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة. وعلى صعيد السياسة الأمريكية الحالية تجاه القضية الفلسطينية شدد الدكتور القدوة بأن هذه السياسة لا يمكن الا ان توصف الا بالسياسة الخرقاء. وأشار إلى أن ما سمي بخطة السلام والازدهار الأمريكية تنحاز بشكل سافر لليمين الإسرائيلي على حساب الحقوق الوطنية والسياسية للشعب الفلسطيني الذي لن يقبل المساومة على هذه الحقوق غير القابلة للتصرف اصلا. كما اشار الدكتور القدوة إلى أن هناك ما يمكن لرئيس أمريكي غير ترامب القيام به لإعادة صياغة خط سياسي أكثر توازنا لجهة الحقوق الفلسطينية. فأشار الدكتور القدوة على سبيل المثال لا الحصر بأن اي رئيس أمريكي لديه القدرة ان توفرت لديه الارادة السياسية بان يعيد افتتاح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية لتكون بمثابة الإقرار بأن القدس الشرقية لا تخضع للسيادة الإسرائيلية وان مستقبل المدينة لا يمكن أن يتقرر بمعزل عن اتفاقية سلام تعقد بين الجانبين تحدد فيها حدود السيادة الإسرائيلية والفلسطينية على مدينة القدس بشقيها الغربي والشرقي

وهنا اشار الدكتور القدوة بانه ومع الأخذ بعين الاعتبار للآثار السياسية والاقتصادية المحتملة لازمة الكورونا على العالم وكذلك بالنظر الى التهديدات الإسرائيلية بضم أجزاء من الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية،  يتحتم الان على القيادة الفلسطينية ان تتبنى استراتيجية سياسية واضحة المعالم ومحددة للرد على هذه الخطوة ابتداء بإعلان يفيد بأن الخطوة الإسرائيلية بالضم بمثابة النهاية الفعلية لامكانية التفاوض السياسي المستقبلي بين الطرفين حول الحل المنشود والي لا يتأتى إلا بتطبيق فعلي وجدي لحقوق الشعب الفلسطيني على أرضه. واشار الدكتور القدوة إلى ضرورة أن تتمتع هذه الاستراتيجية الفلسطينية بضوح وجدية لا ان تكون بمثابة ترديد لشعارات سبق أن تم طرحها  بحيث تؤدي هذه الاستراتيجية  إلى خلق حالة من الردع السياسي لاحتمالات تنفيذ الخطة الإسرائيلية بالضم. واشار الدكتور القدوة في معرض رده على أسئلة المشاركين في الندوة إلى ان بعض عناصر الخطة الاستراتجية المقترحة لا بد وان تشمل خطوات السياسية وقانونية محددة للرد  على خطوة الضم الإسرائيلي في حال تنفيذها. كما اشار الى ضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني الفلسطيني وإعادة توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة سياسيا وجغرافيا من أجل مواجهة هذه السياسات

وقد شارك العديد من الناشطين والمهتمين في هذه الندوة التي تم القيام بها من خلال تقنية الاتصال المرئي ( الزووم) منهم الدكتورعمار الدويك – مديرعام الهئة المستقلة لحقوق الانسان، والدكتور عبد الرحمن التميمي – مدير عام مؤسسة الهيدولوجيين واستاذ محاضر في الجامعة العربية الامريكية والاستاذ شعوان جبارين – مديرعام مؤسسة الحق من اجل الانسان و الاستاذ احمد الصياد- محامي- ونقيب المحامين الفلسطينيين سابقا والاستاذ هشام كحيل والاستاذ اشرف الشعيبي من لجنة الانتخابات المركزية، والاستاذ امجد الشلة – عضو نقابة المحامين الفلسطينيين و الدكتورة سناء طوطح- استاذة القانون في جامعة القدس- ابو ديس، والاستاذة شيرين الشلة –  سيدة اعمال والمدير العام لشركة الهندسة والتخطيط والاستاذ عصام يونس مدير مركز الميزان لحقوق الانسان من قطاع غزة، والاستاذ جعفر الطويل- عضو مجلس بلدية البيرة والاستاذ معمر عرابي- إعلامي ومحامي ناشط في قضايا حقوق الانسان والحريات، وادار الندوة الحوارية مدير مركز الافق للدراسات والابحاث ابراهيم دلالشة