دواليب الانتخابات و عصي المبررات

بقلم الناشط المجتمعي : أحمد عياش

دواليب الانتخابات و عصي المبررات

لم نكن نعلم ان تاريخ 25 كانون ثاني عام 2006 سيكون تاريخا استثنائيا، نكاد كفلسطينيين ان نحتفل بهذا التاريخ ، فمنذ ذلك اليوم لم ينتخب الفلسطينيون ممثليهم في المجلس التشريعي بمبررات نكاد نجزم ماهي الا عصي في دولاب الانتخابات .غياب الانتخابات  في ظل  الانقسام الفلسطيني “ساهم في تهرب حكومة الاحتلال من الاستحقاقات الدولية في تطبيق قرارات الشرعية الدولية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وتمكنت حكومة الاحتلال خلال تلك الفترة من تمرير مشروعها الاستيطاني وتهويد القدس، و ساهمت تعقيدات الوضع الإقليمي والدولي، وتدخُّل إسرائيل في الشأن الداخلي الفلسطيني عرقلة إجراء انتخابات فلسطينية في موعدها المحدد حسب صدور المرسوم الرئاسي عام 2021.

إن المبادرة بإجراء الانتخابات في مواعيد محددة باسرع وقت ممكن يعتبر إنجازا وطنيا كبيرا في هذه المرحلة، وذلك بالنظر إلى كونها استحقاقا طال انتظاره، و فرصة مهمة لإعادة بناء النظام السياسي على أسس من الشرعية والديمقراطية والاستقرار المطلوب و من شأنها أيضا ان تساهم في  تجديد كل شرعيات النظام بكافة مكوناته، وربما المساهمة في إنهاء الانقسام، والانتقال إلى مرحلة جديدة من الشراكة الوطنية، لمواجهة التحديات التي تتمثل داخليا في إعادة توحيد المؤسسات الوطنية، وفي إعادة توحيد الوطن في إطار إعادة الاعتبار لوحدة القضية والشعب .

إعادة تدوير لأزمة المشروع الوطني الفلسطيني.

يشكك المواطن الفلسطيني في نوايا القيادة الفلسطينية و فصائل العمل الوطني من اجراء انتخابات قد تكون شكلية في مضمونها وتقود الى اعادة انتاج لأزمة المشروع الوطني و تعزيز الانقسام ، و جائت هذه الهواجس بعد قرار الرئيس بعقد الانتخابات و تحديد موعدا محددا و اتخذت الاجراءات اللازمة بفتح باب الترشح و تسجيل القوائم و انتهى بالغاء الانتخابات دون تحديد موعدا اخر لإجراءها.في حين املت لجنة الانتخابات المركزية  في بيان رسمي أنها تأمل في أن تتمكن من استكمال تنفيذ الانتخابات الفلسطينية في أقرب فرصة ممكنة ، و للاسف لم تتحقق آمالها، ورغم اعتراض بعض الفصائل على قرار التاجيل الا ان شعور الشارع الفلسطيني يرجح ترحيبها بقرار التاجيل لاسباب فصائلية و شؤون داخليه ضيقة .

الانتخابات بوابة الخروج من عنق الزجاجة

حالة من الركود السياسي تطغى على الواقع الفلسطيني يتبعه فقدان في امل الانفراج وترافق ذلك كله مع تراجعٍ حادّ في حالة الحريات والممارسات الديمقراطية، وإلى ميل متعاظم إلى التفرّد في القرارات، وخصوصا بعد حلّ المجلس التشريعي، من دون انتخاب مجلس بديل له، الانتظار والتعايش مع الوضع القائم سيؤديان إلى تدهور استراتيجي خطير ضد مصالح الشعب الفلسطيني ومستقبله بأسره.

لذا ينظر الشارع الفلسطيني الى الانتخابات كمحرك اساسي للمياه الراكدة و التي ستنهي كل حالات التفرّد بالقرار أيّاً كان موقعها السياسي أو الجغرافي، و تفرز منظومة تعدّدية سياسية تجبر الأحزاب على القبول بمبدأ الشراكة. و من المتوقع ان اجراء انتخابات نزيهه إلى عودة التوازن للنظام السياسي بين السلطات التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، وهو توازن فقد لصالح هيمنة مجموعة تنفيذية على جميع السلطات و هذا بدوره يعزيز الشرعية الفلسطينية أمام المحيط العربي، والمجتمع الدولي. ستقدم الانتخابات رؤية شاملة مبنية على إستراتيجية وطنية لمواجهة الاحتلال، وهذا الأمر يستوجب وجود قيادة وطنية يصنعها صندوق الاقتراع بمستوى تطلعات الشعب الفلسطيني .

تعويذه الفصائل و الغلبة على الشيطان

في كل جولة من لقاءات الفصائل الفلسطينية نطرب بسماع البيان الختامي المنمق و الذي يحمل في طياته كلاما معسولا لا يسمن و لا يغني من جوع ، فضفاض و عام يتجاوز التفاصيل التي يكمن فيها الشيطان ، ما نحتاجه اليوم الى خطة تنفيذية مبنية على حسن النوايا ، لا نتوقع نتائج سحرية بين ليلة و ضحاها ، بل يتطلع الشارع الفلسطيني الى اجراءات فصائلية مشتركة، وهي لا تنهي الانقسام ولا تجري انتخابات على الأقل في القريب العاجل، إلا أنها تخفف من حالة التوتر و الاحتقان، و تمهد الى مرحلة انتقاليه يسودها الشراكة الوطنية بتشكيل حكومة وحدة وطنية او حكومة وفاق وطني تعمل على تقليص الهوه بين القيادة و الشارع الفلسطيني باخذ قرارات تعزز ثقة المواطن مثل تسكير ملف الاعتقال السياسي و مكافحة الفساد و اعادة اللحمة الوطنية بين الضفة و قطاع غزة بأعادة استئناف البرامج الاغاثية و الانسانية التي تتعلق بحياة المواطن اليومية  و ضبط بوق الاعلام التحريضي الذي لا يخدم سوى تعميق الانقسام و اضافة العصي في الدواليب .

نبذة عن الكاتب : أحمد عياش

ناشط مجتمعي ، اعلامي . مقدم برنامج شغف شبكة وطن  الإعلانية